حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية ، سؤال يتجدد مع بداية كل عام، فيحرص الكثيرين للتعرف على رأي الدين الإسلامي في تبادل الهدايا والتهاني والتبريكات بالعام الهجري الجديد .

"الوطنية" تنشر لكم الحكم الشرعي في الاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة وهو كالتالي :-

ولاً: رأس السنة الميلادية - حتى بين أهلها - هم مختلفون في الاحتفال بها، الكاثوليك أهل الغرب يحتفلون في الخامس والعشرين من ديسمبر، الأرثوذكس عندنا يحتفلون يوم السابع من يناير، فهم أنفسهم مختلفون في أول العام، هل نحتفل مع هؤلاء أم نحتفل مع هؤلاء؟ المسلم لا ينبغي أن يحتفل إلا بما قرره النبيُّ صلى الله عليه وسلم. ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ووجد أهلها لهم عيدان يحتفلون بهما، فقال صلى الله عليه وسلم بعد حين: { إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ } (سنن أبي داود والنسائي ومسند الإمام أحمد عن أنس).
فهذان العيدان هما اللذان ينبغي للمسلم أن يحتفي بهما، ومعنى يحتفي: أي يفرح بهما، يلبس ملابس خاصة بهما، يهنئ المسلمين سواء مَنْ حوله أو غيرهم بهما، يجعل له في هذين اليومين فسحة لأولاده في اللعب بهما يحتفي يهذين العيدين. أما غيرهما فليس للمسلم عيد آخر.
لكن ما أريد أن أقوله لا بأس للمسلم أن يهنئ إخواننا الذين يشاركوننا في الوطن من المسيحيين والأقباط بهذا العيد لأنهم شركاؤنا في هذا البلد، فقد أخبر فيهم صلى الله عليه وسلم فى مواضع عديدة أنهم أهل ذمتنا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا.
وأمرنا أن نشاركهم في الأفراح، وأن نجاملهم في الأحزان، وأن نهنئهم في الأعياد حتى يحسوا ويشعروا بحلاوة أخلاق المسلمين، واللطف والرحمة التي بين المؤمنين، فهي التي تشدُّهم إلى هذا الدِّين، ولذلك عندما رأينا في هذه الأيام الماضية الحملات الشديدة على إخواننا النصارى والمسيحيين ممن يدَّعون أنهم إسلاميون!!! فرَّقتْ الجماعة وشتَّتتْ الشمل، وأساءت إلى الإسلام غاية الإساءة.
لأن هؤلاء الذين حماهم عمرو بن العاص رضي الله عنه عندما دخل مصر ووجد الرومان مضطهدين لهم ووجد البابا في ذاك الوقت هاربا في الصحراء، فأرسل إليه وجدد له كنيسته وأصدر له قرارا بأن يكون هو البابا للمسيحيين وأحسن معاملتهم كما أمر الإسلام، وهذه هي المعاملة الإسلامية التي أمرنا بها النبي وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لنا أجمعين:{إِذَا افْتَتَحْتُمْ مِصْرًا فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا} (الحاكم في المستدرك والطبراني عن كعب بن مالك الأنصاري).
بعد قول النبيِّ ... ماذا نريد يا إخواني؟
كيف يخرج من يدعي الإسلام - من هنا وهناك - ويريد أن يطردهم من البلاد؟!! أو يصنع بهم كذا وكذا؟!! هذا ينافي أخلاق الإسلام التي أمرنا بها وأوصانا بها الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام. فلا مانع أن نُهنِّئهم بعيدهم، ولا مانع إن كانوا جيراناً لي أن أذهب إلى بيتهم وأدخل عليهم وأهنئُهم بعيدهم - زيادة في المودَّة وتقوية للأواصر بيننا وبينهم. ولا مانع أن أهنئ زملائي في العمل بهذا العيد، حتى يعلموا أن الإسلام دين يحضُّ على كمال الأخلاق، وعلى المودَّة مع الآخرين.
هذا هو الذي أوصانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما نحن جماعة المسلمين فلا نحتفي بهذا العام ولا بأول العام، وإنما نحتفي بأول العام الهجري، الذي اختاره لنا النبيُّ صلوات ربي وتسليماته عليه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المصدر : الوطنية