يصاف اليوم الأربعاء، الذكرى الـ 20 عامًا على استشهاد الطفل محمد الدرة ابن 12 عامًا في حضن أبيه برصاصة إسرائيلية اخترقت قلبه بعد اندلاع انتفاضة الأقصى.
ذلك المشهد البشع، لا يزال محفورًا في عقول الكبار ممن عايشوا تلك الفترة سواءً الفلسطينيين والعرب والعالم أجمع.
احتمي الدرة خلف والده وهو ينظر للموت من كل جانب ولم يحرك بكائه أي ساكن في قلوب العرب والعالم، حيث انصب عليها وابل من الرصاص الإسرائيلي.
جريمة الإعدام البشعة للطفل الدرة وثّقتها عدسة كاميرا مصور قناة "فرانس 2"، وشاهد العالم أجمع في 63 ثانية نموذجًا وحشيًا لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وتحديدًا الأطفال، في انتهاك صارخ للمواثيق والأعراف الدولية.
الكاميرا وثّقت جمال الدرة والد الطفل وهو يحتمي خلف برميل إسمنتي ويضع طفله محمد خلف ظهره ويصرخ بأعلى صوته على جنود الاحتلال بوقف إطلاق النار مردّدًا "مات الولد.. مات الولد".
اخترق الرصاص يد الوالد اليمنى، ثم أصيب محمد بأول طلقة في رجله اليمنى، وفوجئ الأب بعد ذلك بخروج الرصاص من ظهر الصغير، بعدما اخترق الجسم والأقدام والأيدي حتى وصل للبطن والحوض، وما هي إلا لحظات ورقد الصبي شهيدًا على ساق أبيه الذي أصيب بجروح بقي ينزف منها لوقت طويل.
حاولت "إسرائيل" التبرؤ من قتل "الدرة"، الذي اختصر استشهاده آلاف المشاهد والمآسي التي سجلها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، كاشفًا طبيعة الاحتلال في اغتيال الأطفال وأحلامهم.
وقد حاولت جهات يهودية متطرفة التنصل من الجريمة بإلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية، والادعاء أن الطفل محمد قتله فلسطينيون لتشويه صورة الجيش الإسرائيلي لدى الرأي العام الدولي.
غير أن الصحفي أندرلان أورد في كتابه "موت طفل" اعتراف قائد العمليات في الجيش الإسرائيلي جيورا عيلاد، الذي صرح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2000، بأن "الطلقات جاءت على ما يبدو من الجنود الإسرائيليين".
جريمة إعدام الطفل محمد الدرة في أحضان أبيه هزّت العالم أجمع، وأثار استشهاده غضبًا فلسطينيًا عارمًا؛ أذكى لهيب "انتفاضة الأقصى" التي لم يكن مرّ يومان على اشتعالها بعدما دنّس رئيس الوزراء الإسرائيلي آرئيل شارون ساحات المسجد الأقصى المبارك.
أصبح الطفل محمد أيقونة الانتفاضة الفلسطينية ومُلهمها، وصورتها الإنسانية في مشهد لن ينساه العالم.
ووفقًا لأرقام رسمية؛ أسفرت الانتفاضة الثانية التي استمرّت نحو خمس سنوات عن استشهاد 4412 فلسطينيًا إضافة لـ48322 جريحًا، بينما قتل 1069 إسرائيليًا وجرح 4500 آخرون.
المصدر : الوطنية
