أفادت مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي، اعتقلت 429 فلسطينيا، من بينهم 32 طفلا، و10 نساء، خلال شهر تموز/ يوليو المنصرم.

وأشارت مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان (هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين، ونادي الأسير، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز معلومات وادي حلوة– سلوان)، ضمن ورقة حقائق صدرت عنها اليوم الأربعاء، إلى أن سلطات الاحتلال اعتقلت (201) مواطناً من القدس، و(46) مواطناً من رام الله والبيرة، و(35) مواطناً من الخليل، و(34) مواطناً من جنين، ومن بيت لحم (22) مواطناً، فيما اعتقلت (20) مواطناً من نابلس، ومن طولكرم (15) مواطناً، و(17) مواطناً من قلقيلية، وثمانية مواطنين من أريحا، و(15) مواطناً من طوباس، وثلاثة مواطنين من سلفيت، بالإضافة إلى (13) مواطناً من غزة.

وبذلك بلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال خلال شهر تموز/ يوليو 2020، قرابة (4500) أسير، منهم (41) أسيرة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال قرابة (160) طفلاً، والمعتقلين الإداريين لما يقارب (360)، وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة (98) أوامر اعتقال إداري، من بينها (33) أمر جديد، و(65) تمديد.

ويتضمن التقرير الصادر عن المؤسسات رصد لأهم سياسات الاحتلال التي نفذها بحق الأسرى والمعتقلين خلال شهر تموز/ يوليو وأبرزها كيف حوّلت إدارة سجون الاحتلال وباء "كورونا" أداة عقاب وتنكيل وإرهاب بحق الأسرى.

 

الأسرى في مواجهة مستمرة للسّجان والوباء

واصلت إدارة سجون الاحتلال خلال شهر تموز/ يوليو الإعلان عن إصابات جديدة بين صفوف السجانين وقوات "النحشون"على وجه الخصوص، وهم المصدر الوحيد لنقل عدوى فيروس "كورونا" للأسرى المعزولين عن العالم الخارجي، كما وأعلنت عن إصابة الأسيرين كمال أبو وعر المصاب بسرطان الحنجرة ، وعبد الله شراكة عقب اعتقاله بعدة أيام.

ولم تتوقف قوات الاحتلال عن تنفيذ عمليات الاعتقال اليومية بحق المواطنين، التي زادت من تصاعد احتمالية انتشار الوباء بين الأسرى، بل وصعّدت في تنفيذها، واستهدفت جميع الفئات بما فيهم النساء والأطفال والمرضى.

وبرزت قضية الأسير كمال أبو وعر المصاب بالسرطان الذي أعلنت إدارة السجون عن إصابته بفيروس "كورونا" عقب نقله من سجن "جلبوع" إلى إحدى المستشفيات الإسرائيلية، لإجراء عملية جراحية له، وبعد أيام على إصابته خضع الأسير أبو وعر لعملية جراحية لوضع أنبوب تنفس له، ونقل بعد ذلك رغم وضعه الصحي الصعب إلى ما تسمى بسجن "عيادة الرملة"، حيث يطلق عليها الأسرى "بالمسلخ"، لافتقارها لأي من مقومات الرعاية الصحية، والطبية اللازمة للمرضى.

وفعلياً حوّلت إدارة السجون الوباء لأداة عقاب وسلب لحقوق الأسرى، كجزء من أدوات العنف التي تمارسها على الأسرى، ووضعت الأسرى في عملية عزل مضاعفة، فاقمت تلقائياً مجموعة من الأزمات داخل السجون، منها أزمة إدخال الملابس، و"الكانتينا"، خاصة مع عدم انتظام زيارات عائلات الأسرى التي استؤنفت مؤخراً بعد قرار سابق بوقفها كجزء من إجراءات الطوارئ المرتبطة في الوباء.

وبقيت رواية نتائج العينات الخاصة بالأسرى محصورة برواية إدارة السجون، على الرغم من النداءات المتكررة والمتواصلة التي أطلقتها المؤسسات الحقوقية، بوجود لجنة طبية محايدة للإشراف على نتائج العينات والإطلاع على الأوضاع الصحية للأسرى، لاسيما المرضى، إلا أن إدارة السجون تواصل تجاهلها لكل النداءات والمطالبات، بل وتواصل انتهاكاتها الممنهجة، عبر عمليات التعذيب النفسي والجسدي، حيث حضر الوباء كجزء أساس من عمليات الإرهاب التي مورست بحق المعتقلين لاسيما المعتقلين حديثاً للضغط عليهم.

هذا وتؤكد مؤسسات الأسرى على أنه وفي الأوقات التي سبقت انتشار الوباء، كانت الظروف الاعتقالية للأسرى صعبة ولا إنسانية وزاد حدة ذلك مع الحالة التي فرضها الوباء وما تبعه من عمليات استخدام وتحويل من قبل إدارة السجون لفرض واقع أكثر صعوبة، عدا عما تشكله بنية السجون من بيئة خصبة لاحتمالية انتشار الوباء بشكل واسع بين الأسرى، نتيجة للاكتظاظ في الزنازين والمساحات الضيقة.

 

مراكز التوقيف: "حجرٌ صحي" وسياسات مجحفّة

تنتهج قوات الاحتلال الإسرائيلية سياسات مجحفة للتضييق على الأسرى والمعتقلين، خاصةً مع الحالة التي فرضها فيروس "كورونا" وتُستغلُّ الجائحة في تقويض عمل المحاميين ومنعهم من زيارة الأسرى، ويمتد المنع ليشمل عائلاتهم. كما وحولت بعض مراكز التوقيف التي لا تصلح للاحتجاز الآدمي إلى حجر للمعتقلين حديثاً لمدة (14) يوماً دون تحويلهم إلى التحقيق ودون توفير أبسط أساليب وأدوات التعقيم والوقاية.

وتتوزع ما تسمى بمراكز "الحجر الصحي" على ثلاثة مراكز توقيف وهي: مركز توقيف "حوارة"، ومركز توقيف "غوش عتصيون" وسجن "هشارون". ويُعاني الأسرى والأسيرات والمعتقلين والمعتقلات من ظروف سيئة وصعبة في مراكز "الحجر"، التي تفتقر للحد الأدنى من وسائل الوقاية من المرض.

وأكد الأسرى في مركز "حوارة" أن ظروفاً مأساوية وقاسية عانوا منها، إذ ضمت كل غرفة 6 معتقلين، وحمام صغير، ولم تُجرى الفحوصات اللازمة لهم، ولم تعقّم الغرف أو يتم تنظيفها، ولم يُزود المعتقلون بكمامات، وكانت الغرف مليئة بالقوارض والفئران، بالإضافة إلى معاناة الأسرى الذين تم حجرهم من قلّة الطعام وسوءه، وعدم توافر مياه للشرب، الأمر الذي أجبرهم على جمع نفايات السّجانين من زجاجات مياه وعلب الصودا (كوكا كولا) لاستعمالها في تعبئة مياه الصنبور.

ولا يختلف الوضع في "عتصيون"، إذ يعاني المعتقلون الموقوفون من عنجهيّة الاحتلال وتفرّده بهم رغم الظروف الوبائية الصعبة، كمنعهم من الاتصال بذويهم طوال فترة "الحجر الصحي"، ومنعهم من الخروج إلى الفورة، وتركهم فريسة للجوع، حيث أن الطعام رديء الجودة ومنتهي الصلاحية في كثير من الأحيان، والنظافة شبه منعدمة ولا يوجد مواد تنظيف وتعقيم. وتزود إدارة السجون المعتقلين ببطانيات عفنة ورطبة ولا تمدّهم بملابس جديدة، فشهادات بعض المعتقلين تؤكد أنّهم لم يبدلوا ملابسهم طيلة فترة الحجر. وعانى المعتقلون المرضى الإهمال الطبيّ في الحجر، فلم يُزودوا بأدويتهم التي قد يؤثر نقصها على صحتهم.

وفي "هشارون"، تقبع المعتقلات اللواتي تم حجرهن في غرفٍ منفصلة ومعزولة، وبطانياتٍ قذرة لا يُسمح بغسلها، وملابس لا يتم استبدالها، وحصلت بعض المعتقلات على ملابس من أسيرات مدنيات، قاموا بغسلها لاستعمالها. إضافة إلى ذلك، لا توجد خصوصية للمعتقلات -يوجد حمام بدون باب-، وتم تهديدهّن بحبسهنّ مكبّلاتٍ بالأسرّة في غرفٍ مليئة بالكاميرات. لم يجروا لهنّ فحص "الكورونا" إلا نادراً، ولم يتم تزويدهن بكمامات. وعاشت المعتقلات ظروفاً شبيهة بالمعتقلين الذين تم حجرهم في مراكز التوقيف السابقة من ناحية رداءة الطعام، وقذارة الغرف وافتقارها لوسائل الوقاية وأدنى سُبل العيش.

 

الأسيرتان فدوى حمادة وجيهان حشيمة في العزل: ظروفٌ قاسية ومعاملة لا إنسانية

تواصل إدارة سجون الاحتلال تنفيذ إجراءاتها العقابيّة بحقّ الأسيرات والأسرى القابعين في سجون الاحتلال، ففي الوقت الذي يلتزم فيه العالم بكافّة إجراءات الوقاية والسلامة في ظلّ الانتشار المتزايد لفيروس كورونا المستجّد، يتّم عزل الأسيرتين فدوى حمادة وجيهان حشيمة في عزل سجن "الجلمة" في غرفةٍ تفتقر لأدنى مقومّات العيش البشريّ منذ ما يزيد عن شهرين.

ونُقِلت الأسيرتان إلى العزل في سجن "الجلمة" بعد أن ادعت إدارة سجن "الدامون" أن الأسيرتين قامتا بمواجهة سجّانة، حيث عُزِلن لساعاتٍ مكبلّاتٍ بقيود بلاستيكيّة في غرفة في سجن "الدامون" قبل أن يتم نقلهن إلى عزل سجن "الجلمة" في العاشر من حزيران الماضي. وبالرغم من تبلغيهنّ بانتهاء عقوبتهّن إلّا أنّهن لم يعدن إلى غرفتهن في "الدامون" حتى الآن.

وتواجه حمادة وحشيمة صعوباتٍ عديدة منذ نلقهّن، إذ يعشن في زنزانة صغيرة غير نظيفة مليئة بالكاميرات، مزودة بسريرين وشراشف صغيرة ملوثّة لا تقيهّن برد المكيّف الذي يرفض السجانون إطفائه، ودش معطلّ، وحمام بنصف باب، مما ينتهك خصوصيتهّن، ولم يزَودنّ بملابس جديدة، ولم يستطعن الاستحمام، وإنّما يستعملن المغسلة لتدبير أمورهنّ. وتعاني الأسيرتان الإهمال الطبيّ، إذ لم يحصلن على أدويتهنّ إلّا بعد 21 يوماً من العزل، وبسبب الظروف القاسية والعزل الذي يتّم تمديده دون معرفة مدته الزمنية، كما وتواجه الأسيرتان مشاكل نفسيّة صعبة، ونتيجةً لاعتراض الأسيرة حمادة على ظروف العزل والزنزانة فقد تمّ ربطها بالسرير لمدّة ثلاثة ساعات.

وفي ظلّ جائحة "كورونا" وظروف العزل المجحّفة بحقّهن، فإن الزنزانة غير معقّمة بالإضافة إلى أنّها قذرة، وتنظفها الأسيرتان عند توفّر المنظفات، في حين أنهّن لم يزوَدن بمعقمات و/أو كمامات. ولم تجُرى لهما أيّة فحوصات، علماً بأن حمادة تعاني من ضغط الدم، وتحتاج إلى أدويتها.

 

القدس: حملات اعتقال متواصلة

واصلت سلطات الاحتلال تنفيذ حملات الاعتقالات في مدينة القدس، ورصد مركز معلومات وادي حلوة (201) حالة اعتقال في المدينة، ومن بينها ستة إناث و(22) قاصراً وطفل أقل من (12 عاماً)، وكانت أعلى نسبة اعتقال في بلدة العيساوية التي تتعرض لعمليات اعتقال ممنهجة تستهدف البلدة بشكل متصاعد منذ منتصف العام الماضي، حيث بلغت حالات الاعتقال فيها خلال شهر تموز/ يوليو (50) حالة اعتقال، تليها من حيث وصلت نسبة الاعتقال بلدة سلوان (32) حالة اعتقال.

وواصلت سلطات الاحتلال استهداف مسؤولين مقدسيين من بينها محافظ القدس عدنان غيث، الذي اُعتقل من منزله في بلدة سلوان، وحول إلى زنازين معتقل "عسقلان" وقضى في تحقيق مخابرات الاحتلال حوالي ثلاثة أسابيع، وهذا الاعتقال هو جزء من سلسلة ملاحقات واعتقالات تعرض لها غيث منذ توليه مسؤولياته قبل حوالي عامين، وكان من ضمنها قرارات تقضي بمنعه من دخول الضفة الغربية، والسفر، والتواصل مع قيادات فلسطينية.

كما استدعت مخابرات الاحتلال نائب محافظ القدس عبد الله صيام، واعتقلت أمين سر حركة فتح في القدس شادي مطور خلال وقفة ضد اعتقال المحافظ غيث أمام مبنى "محكمة الصلح" في القدس الغربية، واستهدفت مطلع شهر تموز كوادر من حركة فتح بالاعتقال والاستدعاء، وامتد الاستهداف ليطال أسرى محررين من خلال اعتقالهم لحظة تحررهم.

وتحوّل اعتقال الأسرى المحررين لحظة تحررهم، سياسة تنتهجها سلطات الاحتلال بحق أسرى مدينة القدس، حيث تقوم المخابرات باعتقالهم من بوابات السجون وتحولهم إلى مركز شرطة التحقيق في القدس، وتفرض عليهم شروط إفراج أبرزها الإبعاد عن مدينة القدس لعدة أيام أو منع الاحتفال، ويسبق ذلك اقتحامات متكررة لمنازل عائلات الأسرى قبل موعد الإفراج عنهم، وكان من بينهم:

*الأسير المقدسي سلطان أبو الحمص اعتقل فور خروجه من باب سجن النقب، بعد قضاء محكوميته البالغة سبع سنوات، وبعد عدة ساعات من التوقيف أفرج عنه بشرط الإبعاد عن القدس لمدة 5 أيام، وقامت مخابرات الاحتلال بنقله من مدينة القدس إلى مدخل مدينة أريحا.

*الأسير المقدسي محمد موسى عبيسان اعتقل فور الإفراج عنه من سجن النقب، بعد قضاء محكوميته البالغة أربع سنوات، ومدد توقيفه لمدة 24 ساعة، ثم أُفرج عنه بشرط الإبعاد عن القدس.

* الأسير المقدسي بكر المغربي اعتقل فور الإفراج عنه من باب سجن النقب بعد قضائه محكوميته البالغة خمس سنوات ونصف، ومدد توقيفه لمدة 24 ساعة، كما اعتقل شقيقه محمد، ثم أُفرج عنهما في اليوم التالي.

* اعتقلت قوات الاحتلال الأسير المحرر محمد علي الغول (16 عاماً) بعد قضائه محكوميته البالغة (12) شهراً فور وصوله إلى منزله في رأس العامود ببلدة سلوان، وقامت باعتقاله ووالده و3 فتية، بتهمة "الاحتفال واستخدام المفرقعات"، وأُفرج عنهم بعد عدة ساعات بشرط الحبس المنزلي لمدة 5 أيام، وعدم التواصل فيما بينهم ومنع الاحتفال لمدة شهر.

*أبعدت سلطات الاحتلال الأسير المحرر أنور سامي عبيد عن مدينة القدس لمدة 4 أشهر، ، كما سلمته قرارا يقضي بمنع تواصل مع (14) شاباً من العيسوية، وسبق ذلك أن فرضت سلطات الاحتلال الحبس المنزلي الليلي عليه لمدة أربعة شهور.

وتؤكد المؤسسات مجدداً على مطالبها السابقة والمتكررة بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالإفراج عن الأسرى المرضى، والنساء والأطفال، والسماح للجنة دولية محايدة، أن تطلع على أوضاع الأسرى ونتائج العينات التي يتم إجرائها للأسرى، وتوجه مجدداً مطالبها للجنة الدولية للصليب الأحمر كجهة اختصاص، بأن تضاعف طاقهما في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لتتمكن من تغطية احتياجات الأسرى وعائلاتهم، ومساعدتهم على التواصل وتوفير ما يلزمهم في ظل استمرار الجائحة.

المصدر : الوطنية