ذاق قطاع غزة مر الويلات منذ عام 2007 بعدما حوصرت جوانبه الأربعة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ما خلف فقر مدقع وجوع وألم.

وما جعل الأمر يزداد هو الحصار الإسرائيلي الخانق منذ 13 عاماً، إلى جانب تقليص السلطة لرواتب الموظفين الذين يعدون الشريحة المحركة للسوق.

ولم يكتفى القطاع بذلك بل ما زاد الطين بله، هو فيروس "كورونا" ووصله إلى القطاع منذ مارس الماضي، ما عمل على شلل في مختلف القطاعات سواء التجارية أو الخدماتية.

فتلك الإصابات، كانت بين العائدين من الخارج، عبر معبر رفح البري جنوب القطاع مع مصر، ولم يختلطوا بالسكان، وفق قول الجهات الحكومية بغزة.

ومنذ مارس/ آذار الماضي، اتخذت السلطات إجراءات وقائية لمنع تفشي المرض التاجي، لكنها لم تبلغ حد إعلان حالة الطوارئ ولا فرض حظر للتجول.

كما تسببت أزمة "كوفيد-19" بتراجع حركة الأسواق، مقارنة بالأعوام السابقة، ويتخوف مواطنون من ارتيادها، خشية انتقال العدوى إليهم.

وجرى إغلاق المؤسسات التعليمية، ووقف الصلاة بالمساجد، وإغلاق المرافق الاقتصادية ذات العلاقة بالسياحة والفنادق والمطاعم، ثم أُعيد فتح الأخيرة وفق شروط وضوابط وصفتها الجهات الحكومية بالمشددة.

وضع صعب

وفقاً للمختصين الاقتصاديين، فإن معدل البطالة جراء استمرار الحصار تجاوز حاجز 50% ما يعني أنه رفع عدد العاطلين عن العمل إلى ما يزيد عن ربع مليون شخص.

كما تسبب الحصار بارتفاع مستوى الفقر، ليتجاوز 53%، ما يعني أن أكثر من نصف السكان فقراء، وأن نسبة انعدام الأمن الغذائي بين العائلات في غزة وصلت إلى 70 %، وهذا يعني أن هؤلاء لا يستطيعون تلبية احتياجات السلّة الغذائية الرئيسية.

وفاقمت أزمة جائحة "كورونا" من حجم الأزمات التي يعاني منها السكان بعدما تعطلت معظم الأنشطة بغزة وتوقف بعضها، وعلى رأسها القطاع السياحي الذي توقف بشكل كامل، حيث تم إغلاق الفنادق والمطاعم والمقاهي وصالات الأفراح، وشركات السياحة نتيجة لتوقف الطيران وإلغاء رحلات العمرة والحج.

كما تضرر القطاع الصناعي بشكل كبير، إذ تعمل بعض المصانع بطاقة إنتاجية لا تتجاوز 30% بالوقت الذي يحتاج فيه السوق لكميات كبيرة نظراً لارتفاع الاستهلاك.

وجرّاء ذلك، انضمّ إلى صفوف البطالة في غزة نحو 45 ألف عاطل عن العمل نتيجة تبعات "كوفيد-19"، ما أثر سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين قبيل عيد الفطر؛ حيث يعاني الكثير منهم من انعدام القدرة على شراء مستلزمات العيد، ما أدى إلى مزيد من التدهور في القطاع الاقتصادي.

معاناة متفاقمة

قال رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري، إن معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس وفي مخيمات الشتات تتفاقم عشية عيد الفطر السعيد، مع استمرار الحصار والإغلاق والاستهداف الإسرائيلي، وآثار الخطوات الوقائية لمواجهة فيروس "كورونا".

وأكد أن هذه المعاناة طالت مُختلف الشرائح والفئات، خاصة في ظل تضرر فئات كثيرة بسبب "كورونا"، مشيراً إلى أن الفلسطيني يصر على الحياة ومواجهة الصعاب، لكن طالما استمر الحصار والإغلاق سيبقى الحال على ما عليه من ارتفاع نسب الفقر والبطالة، واستمرار تصاعدها يومًا بعد يوم.

وشدد على أن الواقع في غزة مأساوي، مع استمرار الحصار وآثاره الخطيرة على مليوني فلسطيني يعيشوا في غزة، مضيفاً أن الحل الوحيد للخروج من هذه الأوضاع، إنهاء الحصار بشكل كامل، مع وجود ترجمة عملية لذلك على أرض الواقع، وفتح كافة المعابر التجارية، والسماح بحرية الأفراد والبضائع دون قوائم ممنوعات.

ورغم كل ما سبق إلا أن المواطنين الذين ذاقوا النار بأفواههم وتألمت جيوبهم وانكسرت ظهورهم، لا زالوا متمسكين بطقوسهم لاستقبال العيد وتبقى الابتسامة ممزوجة بالألم والتمني بأن تكون الأعياد القادمة أفضل.

 

المصدر : الوطنية - وجيه رشيد