في أول خطوة سياسية فلسطينية، رداً على القرار الإسرائيلي بشأن ضم أجزاء من الضفة الغربية، حيث أعلن الرئيس محمود عباس بأن جميع الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال وأمريكا على حدٍ سواء باتت في حل كامل.
الرئيس عباس وخلال اجتماع للقيادة مساء الثلاثاء، أكد أن منظمة التحرير ودولة فلسطين أصبحتا في حل من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها بما فيها الأمنية، محملاً الاحتلال جميع المسؤوليات والالتزامات أمام المجتمع الدولي كقوة احتلال في أرض دولة فلسطين المحتلة.
كما حمل الإدارة الأمريكية المسؤولية كاملة عن الظلم الواقع على شعبنا، واعتبرها شريكًا أساسيًا مع الاحتلال في جميع القرارات والإجراءات العدوانية المجحفة بحقوق شعبنا.
ولا يزال صدى تلك التصريحات، في إطار القول وليس الفعل حتى اللحظة دون خطوات عملية للتطبيق على أرض الواقع وسط تساؤلات حول جدية الأمر هذه المرة؟.
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، أكد أن قرار الذي اتخذه الرئيس دخل حيز التنفيذ بشكل فوري عقب نهاية اجتماع القيادة.
وقال عريقات، إنه لابد للعالم أن يتخذ قرار لمعاقبة "إسرائيل" وخاصة بعد اصراراها على قرار الضم.
أما عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، فخرج بتصريحات ليزيد من حدة التأكيد أن "كل ما يترتب على اتفاق أوسلو، أصبح في خبر كان".
وأوضح الأحمد، أنه سيكون هناك اجتماعات مقبلة وعديدة أولها للجنة المركزية لحركة "فتح" ولمجلس الوزراء، لدراسة العلاقات الأمنية بأدق تفاصيلها في ضوء القرار الذي اتخذ.
وشدد على أن الاعتراف واتفاق أوسلو وكل ما يترتب عليه أصبح في عالم كان، بما فيها التنسيق الأمني واتفاق "باريس".
ويبقى السؤال الذي يراود عقول الفلسطينيين وطرح تساؤلا كثيرة، هل الرئيس ومنظمة التحرير جادة في ذلك؟ أم أنها مجرد مسكنات لتخفيف الألم؟ أم أنه مجرد مناورة لمنع الضم الإسرائيلي؟ هنا جاء دور الكتاب والمحللين السياسيين الذين تابعت الوطنية حول هذا الأمر.
الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، يرى أن الخطاب يصبح له قيمة بعد وضع خطة تحرك مشتركة، معتبراً أن كلمة الرئيس جيدة في بعض القضايا.
وأوضح سويرجو، أن بيان الرئيس لم يتطرق ولو بكلمة واحدة عن تحقيق الوحدة الـوطنية الداخلية، ولم يتطرق لأي استراتيجية مشتركة لمواجهة التبعات المترتبة على هذا الخطاب، إلى جانب عدم تطرقه لأي شكل من أشكال المواجهة مع الاحتلال عدا الذهاب للمؤسسات الدولية.
ولفت إلى أن قرار الرئيس قد يكون نوع من أنواع المناورة لوقف الضم الإسرائيلي، مؤكداً أنه حتى يصبح لهذا الخطاب قيمة على الأرض بالعمل فورًا على الدعوة للقاء الأمناء العامون للفصائل والشخصيات المؤثرة لوضع خطة تحرك مشتركة.
أما المحلل السياسي هاني المصري، فتساءل: "هل يعني هذا الخطاب حل السلطة التي استندت إلى هذه الاتفاقات أم تغييرها أم بقائها كما هي؟ أم تعايشها مع الواقع الاستعماري الاستيطاني الجديد وترويضها أكثر؟ وهل يعني سحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني والاجتماعات الأمنية، وإلغاء بروتوكول باريس، وماذا عن أموال المقاصة، والقرض الذي اتفق عليه مؤخرا؟.
وقال المصري إنه الرئيس لم يتحدث عن الوحدة الوطنية، ولا عن المقاومة حتى الشعبية ولا المقاطعة، وتساءل "ماذا عن تفعيل وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير"؟.
وأضاف: "باختصار إذا لم نشهد إجراءات جديدة بدءًا من اليوم، فهذا يعني عدم مغادرة مربع الانتظار والمراوحة في نفس المكان".
أم الكاتب والمحلي السياسي شرحبيل الغريب، فقال إن تصريحات الرئيس عباس بالانسحاب من الاتفاقيات ستبقى محل اختبار للتنفيذ العملي.
وباعتقاد الغريب، فإن مثل هذه التصريحات ما هي إلا مناورة وخطوة استباقية لحفظ ماء الوجه لا قيمة حقيقية لها على الأرض سوى تسجيل المواقف ليس إلا "لأن العبرة في التطبيق لا في إطلاق التهديد والوعيد".
ويبقى الواقع هو الرهان الوحيد لتنفيذ القرارات الحاسمة، بالوقت الذي تعيش فيه فلسطين أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية خانقة، وسط تطبيع عربي فاحش وتفاخر جاحد بالاحتلال.
المصدر : الوطنية- وجيه رشيد