لم تعد المهادنة تنفع "حماس" في علاقتها بالسعودية التي تخطّت الحدود المقبولة حتى لأسوأ العلاقات. فَمِن هجمة إعلامية واتهام بـ"الإرهاب" على خلفية "التواصل الممتاز" مع إيران، وصولاً إلى رفض رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية القيام بجولة خارجية، هذا ما كتبته صحيفة "الأخبار اللبنانية".

وقالت الصحيفة عبر موقعها الالكتروني، إن الرياض تشن حملة مجنونة ضد حماس، تشمل اعتقالات وعمليات ترحيل، وتجميد حسابات، وكذلك تمنع وتراقب على الحوالات. في المقابل، تحاول حماس بمساعدة من طهران وحزب الله، إحداث اختراق على صعيد العلاقة مع حضنها الأدفى: دمشق.

ووفقا للصحيفة، تواصل منذ أكثر شهرين الحملة السعودية بحق سعوديين وفلسطينيين مقيمين في المملكة، متمثلة في سلسلة اعتقالات طاولت العشرات مِمَّن تتهمهم الرياض بالارتباط بحركة "حماس". ومن أبرز هؤلاء الطبيب الاستشاري الثمانيني، محمد الخضري، الذي مثّل الحركة في منتصف التسعينيات حتى 2003 لدى السعودية. وعلى رغم ترك الرجل موقعه منذ سنوات، أُبقي رهن الاحتجاز في ظلّ ظروف صحية صعبة".

وفي ذات السياق، نقلت الصحيفة عن مصادر عائلية مقربة من الخضري (تحفظت على ذكر اسمها) قولها، إن حملة الاعتقالات تزامنت مع إغلاق ورقابة مشدّدين على الحسابات البنكية، وحظر على إرسال أي أموال من المملكة إلى قطاع غزة.

وأضافت المصادر أن الاعتقالات شملت أفراداً لا علاقة لهم بالحركة، لكن قيادة الأخيرة تفضّل التزام الصمت حتى لا يُحسبوا عليها، وتجنّباً للتصعيد والإضرار بالمسجونين "أملاً في الوصول إلى تفاهم يقضي بالإفراج عنهم".

وذكرت الصحيفة، أن عدد المتهمين بجمع تبرعات وإدارة أموال لـ "حماس" في السعودية تخطّى 60 شخصاً، بمن فيهم فلسطينيون وسعوديون، وقد وجّهت إليهم السلطات تهماً بـ "دعم حركة إرهابية وغسل الأموال لدعم الإرهاب والتطرف".

 كما أنه خلال العامين الماضيين، بلغ عدد الفلسطينيين المرحَّلين من المملكة أكثر من 100، أغلبهم متهمون بدعم المقاومة مالياً أو سياسياً أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وكانت الرياض قد فرضت، منذ نهاية 2017، رقابة مشددة على أموال الفلسطينيين في المملكة، وأخضعت جميع التحويلات المالية لِمَن تسمّيهم "الأجانب الفلسطينيين" لرقابة مشددة، ليس إلى القطاع فحسب، بل إلى جميع دول العالم، خشية تحويل هذه الأموال بطرق غير مباشرة وعبر دول أخرى. وباتت مكاتب تحويل الأموال تطلب من الفلسطينيين إحضار حجج قوية للتحويل، ولا تسمح بأن يرتفع سقف الحوالة الواحدة عن 3000 دولار أميركي.

وأشارت الصحيفة إلى بدء عدد من عائلات المعتقلين بإرسال مذكرات إلى جهات قانونية لمعرفة مصير ذويهم، في وقت تشهد فيه العلاقة بين السعودية و"حماس" أسوأ مراحلها، خاصة أنها تأتي مع هجمة إعلامية سعودية تستهدف "حماس" و"الجهاد الإسلامي".

 وتعزو المصادر هذه الحملة إلى إخفاق محاولة مصرية لإقناع الفصائل بترك إيران والتخلي عنها مقابل ضخّ أموال سعودية وإماراتية تجاه القطاع قبل نحو سنة، وهو "عرض رفضته الحركتان، وأكدتا وقتذاك للقاهرة أنه لا يمكن لطرف أن يحدد علاقاتهما مع الباقين".

ووفق المصادر، ردّت "حماس" بأن أي منحة تأتي للشعب الفلسطيني هي موطن ترحيب، لكن من دون أثمان سياسية، وهو ما أقفل الباب أمام رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، في جولته الخارجية التي لم ينجح في إجرائها، ولا سيما خلال زيارته الأخيرة لمصر التي خشيت أن تُغضِب السعودية، لكنها كانت تحتجّ بالتحفظ الأميركي بعد إدراج هنية في "قائمة الإرهاب".

المصدر : صحيفة الأخبار اللبنانية