ذكر موقع قناة "العربية"، أن ذاكرة التاريخ العسكري في المنطقة تسجل وقفات للجيش السعودي ومشاركات له على جبهات القتال جنباً إلى جنب مع الجيوش العربية في صد العدوان عن أراضيها، بدايةً من حرب فلسطين عام 1948 إلى يومنا الحالي.

وبحسب الموقع، فإن الوثائق التاريخية دونت أسماء الجنود والمتطوعين السعوديين الذين فدوا بدمائهم الأراضي العربية، وسطروا بطولات على تلك الأراضي بعقيدة نقية وعزيمة ثابتة ونخوة كبيرة.

وحصل موقع "العربية"، من مركز المعلومات الوطني الفلسطيني" (وفا) على قائمة تضم اسم 155 سعودياً، وهم الشهداء السعوديون الذين قضوا على أرض فلسطين ودفنوا تحت ثراها.

من جانبه، وثّق الباحث محمد بن ناصر الأسمري في كتابه "الجيش السعودي في حرب فلسطين 1948" ملامح وشهادات ومذكرات رسمية تؤرخ لتلك الفترة التي لم تنل حقها من التناول والرصد الإعلامي لبعض جوانبها.

وبيّن الباحث أن القوة السعودية في المعارك باشرت القتال جنباً إلى جنب مع القوات المصرية. ونقل عن شكيب الأموي المراسل الحربي لصحيفة "أم القرى" الذي رافق الجيش السعودي في تقرير نشرته الصحيفة بتاريخ 25 يونيو/حزيران 1948 ما نصه: "المعركة الأولى للجيش السعودي كانت في (بيت حانون) على بعد 9 كلم عن غزة شمالاً، وتواجه المعسكر السعودي مستعمرة (بيرون إسحاق) التي تؤمن 3 قرى أخرى بالماء، وكان السجال بين القوات المصرية واليهود على هذا الموقع، وتقرر طرد اليهود من الموقع فتقدمت القوات المصرية ومعها السعودية بقيادة القائم مقام سعيد الكردي".

كما أورد الباحث أن "أهم المواقع والمعارك التي شارك وتواجد الجيش السعودي فيها في فلسطين كانت: دير سنيد، أسدود، نجبا، المجدل، عراق سويدان، الحليقات، بيرون إسحاق، كراتيا، بيت طيما، بيت حانون، بيت لاهيا، غزة، رفح، العسلوج، تبة الخيش، علي المنطار والشيخ نوران".

وفي هذا الجانب، كتب قائد عام القوات المصرية في فلسطين اللواء أركان حرب أحمد علي المواوي مذكرة محفوظة في "دار الوثائق المصرية" تشيد ببسالة الجيش السعودي، ووقفة عناصره في المعركة بل طالب بتكريمهم. وكتب المواوي: "أرى أنه من باب المجاملة للدولة الوحيدة التي اشتركت معنا اشتراكاً واقعياً بجيشها أن نكافئ رجالها الذين اشتركوا وامتازوا في الميدان أسوة برجالنا. لقد أرسلت الحكومة السعودية أخيراً 6 سرايا جديدة بأسلحتها". ولعدم تجاوز البروتكول طلب اللواء المواوي من القائد السعودي سعيد كردي أخذ إذن بتكريم من كانوا تحت قيادته فجاء الرد ببرقية من الملك عبدالعزيز إلى الكردي بقبول كل المكافآت عدا الترقيات والأموال.

وبيّن الباحث الأسمري أنه لتوثيق تلك المرحلة المهمة، بذل جهداً في البحث عبر أرشيف صحيفة "الأهرام" المصرية، والحصول على شهادات بعض الضباط السعوديين المشاركين في الحرب.

كما نشر محتوى وثيقة مرفوعة إلى رئاسة الأركان المصرية عن القوات السعودية جاء فيها: "لم يفت هذا الواجب المقدس عاهل الجزيرة العربية فبعثت الحكومة السعودية، بقوة عسكرية لتعمل مع الجيش المصري ووصلت هذه القوة مدينة غزة يوم 25 مايو سنة 1948 أي بعد بدء القتال بـ10 أيام... الروح المعنوية السائدة بين هذه القوات روح عالية فكلهم متشوقون للقتال ومؤمنون بالقضية العربية يدفعهم إلى ذلك شعور ديني".

وأورد الكاتب استناداً للمصادر الرسمية أن عدد القوات السعودية النظامية المشاركة بالدفاع عن فلسطين بلغ 3200 فرد وضابط كانوا بقيادة العقيد سعيد الكردي ونائبه وكيل القائد عبدالله بن نامي. تجدر الإشارة إلى أن وزير الدفاع السعودي حينها كان الأمير منصور بن عبدالعزيز ووكيله الأمير مشعل بن عبدالعزيز.

ومن ضمن الشهادات الأخرى عن هذه الحقبة، شهادة أوردها اللواء المتقاعد حسين العساف حيث ذكر أنه في بداية عام 1948 تطوع للجهاد في فلسطين بعد نداء الجامعة العربية بذلك، عندما شكلت جيشاً أسمته "جيش الإنقاذ". وكان وفقاً للعساف عدد المتطوعين السعوديين يفوق 500 شخص من مختلف أبناء القبائل والمناطق.

وأشار إلى أنه بعد أن حلت الجامعة العربية "جيش الإنقاذ"، انتظم الفوج السعودي ملحقاً بالجيش السوري حتى أتت أوامر بسحبه إلى المملكة، بعد تطورات سياسية شهدتها سوريا، وتم توزيع أفراد الفوج على الوحدات العسكرية وإرسال المتفوقين من أفراده إلى بعثات عسكرية ومنهم من وصل إلى رتب عليا في القوات المسلحة.

كما نشر المؤلف صورة للملك سلمان بن عبدالعزيز، عندما كان أميراً للرياض، في حفل تكريم الضباط السعوديين المشاركين في حرب 1948.

فلسطين تثمّن تضحيات السعوديين

على صعيد آخر، وعرفاناً بما قدمه السعوديون من تضحيات لفلسطين زار السفير الفلسطيني في السعودية باسم الآغا مواطن سعودي اسمه إبراهيم بن ثواب العتيبي (92 عاماً) في ديسمبر/كانون الأول عام 2017 حينما كان في مستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز بالرياض، وقدم له نيابة عن الرئاسة الفلسطينية "درع القدس" وشهادة تقديرية. وفي تصريحات صحفية نقلتها "الحياة" السعودية في 28 ديسمبر/كانون الأول 2017 قال السفير: "تكريم المجاهدين السعوديين يتم باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكل الشعب الفلسطيني، وفاءً للقامات السعودية التي وقفت بإيمانها على تراب فلسطين، وهم بالألوف نستذكر منهم حسين بن ناصر العساف، ورقيان البقمي، وصالح العقلة، وحامد بن دغيليب الحربي، وحامد أبوربعة الحربي".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016 زار السفير الآغا مدينة أبها (جنوب غرب السعودية) لتقديم واجب العزاء لأسرة عبدالله بن ظفير السرحاني أحد أفراد الجيش السعودي المشاركين في حرب 1948، وأشاد بـ"وقفات السعوديين التي يقدرها الفلسطينيون حكومة وشعباً".

من جهتها، كرّمت السفارة الفلسطينية في الرياض عام 2012 أربعة قادة سعوديين شاركوا في حرب 1948 وهم: اللواء إبراهيم المالك، والراحلان اللواء أحمد المنصور، والعميد مظلي علي والعميد عبدالله الخزي.

وتجدر الإشارة إلى أن بلدية "طولكرم" أطلقت في العام 2011 اسم العسكري السعودي فهد المارك (1910-1978) على مدخلها الجنوبي. والمارك كان قائداً لفوج المجاهدين السعوديين الذين مثلوا الوقفة الشعبية مع فلسطين هناك قبل أن ينتقل للعمل الدبلوماسي والحكومي ويتجه للأدب والكتابة والتأليف.

 

 

ImageImageImage

المصدر : موقع العربية نت