تتحرك جمهورية مصر العربية المُكلفة بإدارة الملف الفلسطيني الداخلي، هذه الأيام وفق رؤية سياسية جديدة ومختلفة عن سابقاتها، إذ تسيير بملف قطاع غزة على مسلكٍ مُغاير ذو أبعاد ومخططات سياسية.

ويرى البعض أنها تقود إلى الانفصال، والطرف المؤيد لها يعتبرها محاولة لضخ الدم من جديد في أجساد سكان القطاع، المنهكة بفعل الحصار والانقسام والحروب والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. فمصر بهذه الرؤية، تبتعد عن أجواء المصالحة الفلسطينية، لا سيما بعد اشتداد الخلاف وتعمقه بين السلطة الفلسطينية وحركة "حماس"، بل تريد مصر أن تلعب دورًا هامًا برفقة إسرائيل وقطر والمبعوث الأممي لعملية السلام نيكولاي ملادينوف، في التنفيس عن القطاع عبر تقديم بعض التحسينات والتسهيلات، في ظل تأزم أوضاعه الإنسانية.

ووفدها الأمني الذي زار قطاع غزة عشرات المرات خلال فترة قصيرة، للقاء قادة "حماس" والفصائل، يحمل الرؤية التي حظيت بمباركة ذو الشأن والاختصاص وأبرزهم الإسرائيليون، حيث ستشهد الأيام المقبلة أولى لبناتها، ويكون للوفد المصري زيارات عدة للقطاع.

وقال مصدر خاص "للوطنية"، إن الرؤية التي تحملها مصر تتمحور حول تثبيت الهدوء بين "إسرائيل" وفصائل غزة، والتخفيف من وطأة الحصار المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن عشر سنوات، وليس الذهاب إلى إبرام اتفاق تهدئة شامل، الذي يرفضه الرئيس محمود عباس بشدة، وهو ما عبر عنه مؤخرًا للمصريين.

زار الوفد المصري صباح أمس قطاع غزة، وأجرى اجتماعًا كعادته مع قيادة "حماس" قبل أن يغادر مساء أمس، على أن يعود خلال أيام، لكن مصدر "الوطنية" أشار إلى أن زيارة الوفد جاءت لاعتماد معادلة الهدوء مع مقابل الهدوء والعمل على تثبيتها، خاصةً بعد خروج حركة الجهاد الإسلامي عن إجماع الفصائل في مسألة وقف إطلاق النار، بإطلاقها صواريخ تجاه مستوطنات غلاف غزة.

وهذا ما وضع "حماس" في موقف حرج أمام الوسيط المصري، وأحدث تصرف "الجهاد" ربكةً في المشهد، الذي يجهز له على مسرح مصر وإسرائيل ودول إقليمية أخرى، و ملادينوف.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد قبل أيام، أن "إسرائيل" لا تزال تطمح في تهدئة التصعيد الحالي في قطاع غزة، بوساطة الأمم المتحدة ومصر. ويمضي الوفد المصري في ملف التهدئة بكل قوة، بعد وصوله لطريق مسدود في ملف الانقسام الفلسطيني، نتيجة إصرار الرئيس عباس على مسألة التمكين الشامل للحكومة في غزة، فليس هناك أي شيء يلوح بالأفق فيما يُخص المصالحة، بحسب المصدر.

ويشعر المصريون، بـ اليأس، بعد محاولات الضغط التي مارسوها على عباس منذ حقبة تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج في شهر مارس من العام الجاري، و إلى يومنا هذا، إذ لم يعد بوسعهم التحمل أكثر، وصبرهم نفد وهم ينتظرون رد "فتح" في القضايا الخلافية.

وحرفيًا، قال عباس للمصريين: "يا التمكين.. يا بلاش". كما أن (التهدئة) متوقفة بعد أن أدخلتها السلطة ضمن اشتراطات التمكين الشامل، فالسلطة تريد أن تتمكن من كل شيء في القطاع، ثم بعد ذلك توقعها مع "إسرائيل"، لكن المصدر أقر بصعوبة تحقيق ما ترغب به السلطة وحركة "فتح"، وأن المصالحة بعيدة المنال حاليًا.

ووضع الرئيس أبو مازن خلال اجتماع المجلس المركزي الذي عقد قبل أيام، "حماس" بجانب أمريكا وإسرائيل في صلب قراراته، وشدد أنه:" قد آن الأوان لتنفيذ القرارات الخطيرة التي اتخذناها بخصوصهم، لأنهم لم يتركوا للصلح مكان، ويجب عدم الخضوع للمساومة والضغط".

المال القطري

والمال القطري في طريقه لغزة خلال الساعات القادمة، ما لم يحدث أي طارئ، بعد تنقيته من الاعتراضات الإسرائيلية التي كانت مثقلة بالاشتراطات، من ضمنها: عدم وصول الأموال لحماس إلا بإيجاد رقابة أممية لتوزيعها على موظفي غزة، خاصةً أن هناك قائمة منع أمني إسرائيلية على 400- 600 موظف مدني، بتهمة الانتماء للجناح العسكري لحماس، هذا ما كشفه المصدر.

فيما نقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن نتنياهو، أن حكومته لم ولن تقبل في أي مرحلة أن يتم تحذيرها من حماس، وأن إسرائيل تعمل وفق مصالحها الأمنية.

والسبت الماضي، كشفت القناة الثانية الإسرائيلية، عن شرط جديد وضعته حركة "حماس"، للموافقة على تهدئة دائمة، على الحدود الفاصلة بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، مدعيةً أن "حماس" نقلت رسالة إلى "إسرائيل" عبر مصر، طالبت خلالها بتحويل 15 مليون دولار شهريًا لقطاع غزة، من أموال المنحة القطرية، إذ قال المصدر إن تلك المنحة تعطلت بعد إطلاق الجهاد الإسلامي صواريخ تجاه البلدات الإسرائيلية، إذ ستبدأ اليوم عملية إدخالها إلى قطاع غزة، عبر الوساطة الأممية.

المصدر : الوطنية_ ليث شحادة