حمل رئيس العربية للتغيير – القائمة المشتركة في الكنيست أحمد الطيبي، الشرطة والجيش الإسرائيليين مسؤولية انتشار الجريمة والسلاح وتفاقم جرائم القتل وعصابات المافيا في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل المحتل.
وأكد الطيبي في لقاء خاص بصحيفة "القدس" على تهاون السلطات الإسرائيلية وعدم جديتها في محاربة سلاح الجريمة، واعتبار ذلك ليس بأولوية طالما أن الضحايا من العرب .
وقال: بعد صدور التقرير الرسمي الإسرائيلي الذي يكشف تفاصيل الإخفاق البوليسي في مواجهة السلاح والجريمة بين المواطنين العرب في الداخل، أن التقرير يؤكد بأن وعود "بنيامين نتنياهو" وأركان حكومته لا قيمة لها ولم ينفذ منها اي شيء.
كما وأكد ارتفاع مستوى الجريمة في الداخل الفلسطيني، قائلًا إنه أمر ملفت للنظر تحت أعين الشرطة وقوات الأمن الإسرائيلية خاصة إذا علمنا أن المصدر الأساس لهذه الاسلحة ٩٠٪ من قواعد الجيش الإسرائيلي وطالبناهم مراراً وتكراراً بوقف هذا التهريب وبجمع هذه الاسلحة ، لأننا لا نريد أن يكون بيننا أسلحة الجريمة.
وأشار إلى أن التقرير يؤكد فيه مراقب الدولة في اسرائيل، على أن انعدام التنسيق والتعاون بين وحدات الشرطة وبين قوّات الأمن والشرطة هو من النواقص الأساسيّة التي خلص اليها، حيث أن معظم الأسلحة تصل إلى المجتمع العربيّ من ثلاثة مصادر رئيسة هي : السرقات من الجيش الإسرائيليّ، التهريب من الأردنّ والتصنيع في الضفة الغربية.
كما وتصل أسلحة أخرى مصدرها السرقات من المنازل والسيّارات، ففي حزيران 2017 اتُّفق على تشكيل وحدة مشتركة للشرطة العسكريّة وشرطة إسرائيل للقضاء على ظاهرة سرقة الأسلحة من الجيش الإسرائيلي، وحتّى شباط 2018 لم يكتمل تشكيل هذه الوحدة بعد، حسما جاء في التقرير.
وأوضح أن التقرير يشير إلى ما يلي:
- بين عامي 2014 وَ 2016 كانت نسبة مخالفات إطلاق النار لدى المواطنين في المجتمع العربيّ أعلى بـ 5ر17 ضعفا من نسبة المخالفات نفسها لدى اليهود.
- نسبة المصابين من المواطنين العرب من جرّاء حوادث العنف التي استُخدمت فيها الأسلحة أعلى بـ 5ر2 إلى 12 ضعفا من نسبة المصابين من جرّاء أحداث عنف كهذه في أوساط أخرى من المجتمع الإسرائيليّ.
- بلغ عدد ضحايا العنف في المجتمع العربيّ منذ عام 2000 وحتّى تشرين الثاني 2017 حوالي 1236 رجلاً وامرأة.
ووفقاً لمعطيات الشرطة الاسرائيلية ، بين عامي 2014 وَ 2016، قُتلت 30 امرأة عربيّة، أي ما يعادل 42% من مُجمل النساء اللاتي قُتِلن خلال هذه الفترة في إسرائيل.
وينوّه التقرير بأنّ نسبة النساء العربيّات اللاتي قُتِلن بلغت ضعفي نسبتهنّ الإجماليّة من بين النساء في إسرائيل "أربع نساء من أصل عشر نساء قُتِلن هُنّ عربيّات" . ومنذ مطلع عام 2017 وحتّى تشرين الثاني من العام نفسه، قُتلَت عشر نساء في المجتمع العربيّ بسبب حوادث العنف.
وعزى الطيبي الفشل في الحد من الجريمة وانتشارها، إلى أن قوات الجيش والشرطة لا ترى في هذه القضية ذات أولوية ولا يبذلون الجهود المطلوبة، موضحاً أن الشرطة والجيش لو اعتقدا بأن هذه الاسلحة سيتم استخدامها لأسباب قومية ووطنية لبذلا جهداً أكبر وبشكل فوري.
وقال الطيبي إن الأمر المهم أنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في منع الجريمة، إذ بلغت نسبة حل ألغاز الجرائم التي تقع في الوسط العربي ١٪ أي ان عامل الردع غير موجود، فيشعر المجرم والعصابات والمافيات انهم يعودون ويكررون الجريمة التي يرتكبونها دون وازع او رادع او عقاب .
ولفت إلى جرائم قتل النساء التي تفاقمت مؤخراً وقال :" هذه جزئية هامة بالنسبة لنا وهناك مناطق موبوءة بهذه الجريمة وخاصة مناطق اللد والرملة ويافا، وهناك كثير من النساء تقدم شكاوى للشرطة ويتم إهمالها وعدم التعامل معها بجدية والنتيجة تكون عملية قتل.
وكشف الطيبي عن أنه منذ العام ٢٠٠٠ وحتى يومنا هذا ، تم ارتكاب ١٢٦٠ جريمة قتل داخلية سقط فيها ١٢٦٠ ضحية "وهذا رقم مخيف ومؤشر لوضعنا ووضع مجتمعنا." وقال ان نسبة الجرائم لمليون شخص في الأردن ١٤ سنوياً وفي الأراضي الفلسطينية ١١ ولدى فلسطينيي الداخل ٤٢ جريمة سنوياً ، فيما عند اليهود ما بين ٨ الى ٩ جرائم سنوياً .
وأضاف :" نحن مصابون بهذه المأساة والشرطة الإسرائيلية هي المسؤولة الاولى والأخيرة عن ذلك، والدليل ان وزير الأمن الداخلي غلعاد اردان عندما قرر عدم تجديد ولاية القائد العام للشرطة روني ألشيخ قال انه لم يبذل جهداً لإنهاء الجريمة في البلدات العربية". مشيراً الى انه رغم دوافع اردان السياسية والحزبية إلا انه على الأقل اعترف بأن ألشيخ والشرطة لم يقوما بواجبهما ولم يبذلا جهداً لمنع الجريمة وتفاقمها وانتشار السلاح في الوسط العربي.
وأشار الطيبي الى ان هناك شرائح في مجتمعنا معادية له مثل المافيات والعصابات التي تخون هذا المجتمع وتنخر به من الداخل، وقال ان هذه الشريحة مهما قدمت من خطط في المدارس والمساجد والنوادي لا ينفع معها الا العمل القانوني والشرطي .
وأضاف :" علينا ان نعمل مع الأجيال الناشئة منذ الصغر وتربيتهم ضد العنف والجريمة والسلاح الاجرامي، وهناك فرق بين طالب يتثقف على نبذ العنف والتسامح وبين طالب يعيش في أجواء عنف ويجري تربيته على البلطجة واللجوء العنيف في حل المشاكل."
وتابع الطيبي حديثه :" لوكان من بين الضحايا يهود لكان حلها أسرع وحصل ذلك مراراً فعندما يقتل يهودي داخل البلدات العربية يبذل جهد كبير أكثر منه عندما يكون المقتول عربيا . وحدث ذلك في الطيبة قبل سنوات فخلال ٣ أيام كانت الشرطة الإسرائيلية قد وصلت للجناة، الامر الذي يدلل على ان الجهد يختلف حسب هوية القتيل وهذا أمر مرفوض."
دور القيادات العربية في منع الجرائم ...
وعن جهد ودور القيادات العربية وأعضاء الكنيست العرب وقادة الحركات والتيارات الوطنية والإسلامية في الداخل في محاربة هذه الجرائم أوضح الطيبي :" ان المسؤولية الاولى والثانية والثالثة تقع على عاتق الشرطة الإسرائيلية، ولكن علينا جميعاً مسؤولية ايضاً تتمثل في تثقيف الشباب ورفع مستوى التوعية ضد العنف في الشارع والمدرسة والمتجر وفي وسائل الاعلام، وهذا عمل تراكمي يحتاج الى جهد الجميع والمطلوب من المعلمين والسياسيين ورجال الدين وأئمة المساجد ومن ورجال الدين والعائلة نفسها ان يعملوا على محاربة العنف بكافة أشكاله ومنع استخدام السلاح."
وقال ان :" هناك أولياء أمور يشجعوا أبنائهم على العنف بدلا من منعهم ويحملون السلاح ويتباهون فيه وساعة الخلافات للأسف يجري استخدامه وهذا عمل منافي لأخلاقنا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا وقيم دينا الحنيف"، مؤكداً ان هناك شريحة ضيقة لا ينفع معها الشرح والتثقيف وهي العصابات والمافيات التي يعالجهم الشرطة فقط.
وقال الطيبي انه بعد ان وقعت العديد من الجرائم ولمنع استمرار سفك الدماء قمت بعملية اصلاح واستضفت في بيتي عدة مرات عدة عائلات لإصلاح ذات البين ولمنع سفك الدماء .
وعن رد الشرطة على المناشدات والمطالبات الرسمية لمنع انتشار الاسلحة والحد من الجريمة في الداخل الفلسطيني قال الطيبي:" ان رد الشرطة غير منطقي وهناك من يدعي في الشرطة ان الجمهور العربي لا يتعاون معها ، وهذا كلام مضلل ولا يدل على صدق التعامل بشكل جدي، الشرطة عندما تريد ان تعتقل جناة ، لديها طرقها ووضع اللوم على المجتمع وعلى الضحية غير مقبول ."
محاربة الجريمة لا هدم المنازل ....
وأضاف:" ان الشرطة تدعي انها تخشى دخول مناطق بعينها خوفا من الاعتداء عليها لذلك لا يأتون بسرعة، ولكن عندما تأتي الشرطة لهدم منزل عربي في بلدة او مدينة عربية تأتي بقوات مدججة، فنحن نريد للشرطة ان تقوم بعملها الأساس وهو محاربة الجريمة لا هدم المنازل ."
وتابع الطيبي يقول :" لقد عقدنا جلسة واعددت قانون مضاعفة العقوبات على من يطلق النار في المناسبات في الاماكن العامة في البلدات والمدن العربية، وعقدنا عشرات الجلسات ، كما عقدنا جلسة بحضور نتنياهو ووزير الامن الداخلي و٢٠ عضو كنيست ومختصين عرب وعائلات الضحايا ومنذ خمس سنوات لم يؤد ذلك لتحريك ساكن وكانت وعود نتنياهو والشرطة في الهواء دون تنفيذ او تطبيق ."
وتابع :" رغم كل ذلك نحن مستمرون في العمل الجدي والفاعل ، فالقائمة المشتركة ولجنة المتابعة العليا ورجال الدين بالاضافة الى الأكاديميين والمثقفين والمعلمين في عمليات تثقيف للمجتمع وفي عملية ضغط على الشرطة من اجل جمع الاسلحة ومنع التهريب ومحاربة العصابات والمافيا وهذا الصوت سيستمر."
خيانة المجتمع ....
وشدد الطيبي على ان من يحمل سلاح الجريمة يخون هذا المجتمع ويجب ان يقال ذلك، فمثلا، بعثت في مطلع الشهر الجاري كل من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، والقائمة المشتركة في الكنيست، واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، برسالة مشتركة إلى وزير الأمن الداخلي والقائد العام للشرطة، تتهم الشرطة فيها بأن نهجها يساهم مباشرة في تفشي الجريمة ومأسسة مكانة عصابات الجريمة في المجتمع العربي. ومما جاء في الرسالة: "إن عصابات الجريمة معروفة للشرطة، وتحركاتها معروفة، والعلاقات بينها معروفة، والتهديدات التي تطلقها ضد الأبرياء وضد منافسيها معروفة هي الأخرى، وإن للشرطة اتصالاتها مع تلك العصابات، وهي تستطيع استعمال تلك الاتصالات للجم حركة هذه العصابات، لكنها تختار ألا تفعل عن سابق قصد وترصد".
ويورد تقرير المراقب معطيات الشرطة عن الجريمة، ووفقاً لها "فإنّ نسبة السكّان العرب المتورّطين في جرائم العنف الجسديّ هي أكبر بضعفين من نسبتهم من مُجمل السكّان، ونسبة المتورّطين في جرائم القتل أعلى بضعفين ونصف الضعف. ظواهر إجراميّة أخرى تبرز في الوسط العربيّ هي الحيازة غير القانونيّة للأسلحة أيضاً، مثل: البنادق، المسدّسات، القنابل اليدويّة، قنابل الصوت والعبوّات الناسفة، وكثرة حوادث إطلاق النار والتخريب التي تهدّد حياة المواطنين".
ويقول التقرير ان الشرطة الإسرائيليّة أخفقت في معالجة آفة انتشار السلاح غير القانوني في المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل؛ جهاز الأمن العّام "الشاباك" والجيش الاسرائيلي لا يتعاونان ولا يُنسّقان مع الشرطة في هذه القضايا؛ الحدّ من الجريمة الخطيرة في المجتمع العربيّ يتطلب خطوات حكوميّة واسعة النطاق وفعّالة- هذه الخلاصات، التي تشكل إدانة للجهاز الرسمي الإسرائيلي الحاكم لم تصغها قيادة المجتمع العربي، بل هذا ما أكّده مراقب الدولة القاضي المُتقاعِد يوسف شابيرا، في تقريرٍ جديد بعنوان :"تعامل شرطة إسرائيل مع حيازة الأسلحة غير القانونيّة وحوادث إطلاق النار في بلدات المجتمع العربيّ والبلدات المختلطة".
كثرة الأسلحة في المجتمع العربيّ ...
ويعترف التقرير الرسمي بحقيقة أن "المخالفات التي تتعلّق بالأسلحة، وخاصّة إطلاق النار، منتشرة في المجتمع العربيّ. تتمثّل الغايات الرئيسة لاستخدام الأسلحة في حلّ النزاعات بين الخارجين على القانون والعائلات، إظهار القوّة والدفاع عن النفس. كما يتمّ استخدام الأسلحة في أحداث ومناسبات خاصّة كالأعراس مثلاً. وتشير معطيات الشرطة إلى أنّ أكثر من 70% من مخالفات إطلاق النار في المجتمع العربيّ يرتكبها مدنيّون يُعرّفون بأنّهم أشخاص عاديّون".
وبناء على ذلك يقرّ المراقب بأنّ "توفّر الأسلحة بكثرة في المجتمع العربيّ يؤدّي إلى زيادة عدد حوادث العنف الخطيرة، مثل: القتل العمد، القتل غير العمد والاعتداء".
المصدر : الوطنية