توالت أزمات وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" مرات عدة منذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتأسيسها في التاسع من شهر ديسمبر عام 1949م، وكان أخرها حين قررت الولايات المتحدة الأميركية في يناير الماضي من العام الجاري تقليص مساعداتها إلى النصف للضغط على السلطة الفلسطينية وإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.

ويتم تمويل "الأونروا" بشكل كامل تقريبًا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فيما تعد الولايات المتحدة الداعم الأكبر لها ثم الاتحاد الأوروبي، حيث تبلغ إجمالي ميزانية الوكالة "العادية وميزانية الطوارئ وميزانية المشاريع" 1.3 مليار دولار تتبرع واشنطن بمبلغ ثلاثمئة مليون دولار منها.

هذا الإجراء العقابي الذي انتهجته الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس "دونالد ترمب" بحق الوكالة أظهر مدى الفجوة الكبيرة التي يمكن أن تلقي بكوارثها على الوضع الإنساني داخل قطاع غزة، وخصوصًا بعد 12 عامًا من الحصار الإسرائيلي والوضع السياسي غير المستقر.

ومع احتدام الأزمة وإلماح "الأونروا" بسلسة إجراءات للتخفيف من حدة أزمتها، كشف اتحاد موظفي "أونروا" في غزة، تفاصيل اجتماعه مع مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، بخصوص تلقيه معلومات صادمة عن العاملين تهدد بوقف الخدمات المقدمة للاجئين في غزة وتهدد بعدم بدء العام الدراسي.

وقال الاتحاد في بيان له إن "أونروا" بصدد وقف رواتب 22 ألف موظفًا في كافة المناطق ووقف كامل للكابونات المقدمة في الدورة الرابعة واحتمال تحويلها إلى قسائم شرائية.

كما واعتبر أن الخطر الأكبر حالياً هو نية "أونروا" إرسال رسائل في نهاية شهر يوليو الجاري لحوالي 956 موظفًا على ميزانية الطوارئ "تتضمن فصل عن العمل وتحويل البعض لعمل جزئي أو تمديد مؤقت للبعض للعمل حتى نهاية عام 2018"، مضيفًا أن هذا الإجراء سيتبعه مجزرة أخرى بحق 13 ألف موظفًا على الميزانية العامة.

بدوره، نفى المتحدث الرسمي باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" سامي مشعشع في اتصال هاتفي مع الوكالة الوطنية للإعلام، صحة ما جاء في بيان اتحاد موظفي "أونروا" في غزة، والذي تحدث عن نية الوكالة تقليص رواتب 22 ألف موظفٍ، بالإضافة إلى تأجيل بدء العام الدراسي، ووقف توزيع المساعدات الغذائية بالدورة الرابعة.

وأكد مشعشع أن المفوض العام سيبت بقرار بدء العام الدراسي في موعده من عدمه بعد منتصف شهر آب/أغسطس المقبل، مضيفًا أن "أونروا" تعمل جاهدةً وبشكل متواصل للحصول على الإمكانيات المناسبة قبل بدء العام الدراسي الجديد، حتى لا تواجه مشاكل خلال العام تدفعها للتوقف بعد شهرين.

وبين أن 22 ألف معلمٍ يعملون في "أونروا" في 700 مدرسة بمناطق عملها الخمس، وهي "قطاع غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان والأردن"، في حين أن عدد العاملين يقدر بحوالي 30 ألف موظف.

وعن صحة تقليصات رواتب موظفي "أونروا"، أوضح مشعشع أن مدير عمليات وكالة الغوث لم يتحدث خلال اجتماعه عن تقليص رواتب أو إنهاء عقود، وإنما تناول الخدمات التي تأثرت في قطاع غزة، مثل برنامج غزة للصحة النفسية، والعمل مقابل المال، وعن أصحاب العقود التي انتهت من برنامج العمل مقابل المال، ومن الذي سيتم التجديد له ومن سيتم تثبيته.

واعتبر أن تعامل وكالات الأنباء مع بيان اتحاد موظفي "أونروا" فقط، وعدم تناولهم للموضوع من جانبه الآخر خلق حالة من البلبلة في المجتمع وبين العاملين في "أونروا" بالمناطق الخمس.

وأبدى استغرابه من حديث اتحاد موظفي "أونروا" في غزة باسم المناطق الخمس، مطالباً الاتحاد بالتركيز فقط على قضايا قطاع غزة.

ويأتي هذا وسط دعوات داخل الأوساط الشعبية والسياسية المحلية والدولية على حد سواء، بضرورة التحرك الجاد لدعم وكالة الغوث خوفًا من تدهور الأوضاع الاقتصادية في أماكن وجود اللاجئين الفلسطينيين، أي أماكن عمل "الأونروا" وهي قطاع غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان والأردن.

يشار إلى أن الوكالة الأممية أطلقت عدة نداءات دولية لتنظيم مؤتمرات لتقديم المنح المالية للتخفيف من حدة أزمتها وعدم الحاق الضرر على اللاجئين، إلا أنها أخذت تعهدات من الدول المشاركة في مؤتمر "روما" مارس الماضي بدفع مبلغ 100 مليون دولار لتجاوز الأزمة، لكن دون إيفاء كافة التزاماتها وبقي العجز حتى الآن.

المصدر : الوطنية