كشف القيادي البارز في حركة "حماس" محمود الزهار، عن تفاصيل الوساطات والمبادرات التي تقدمت بها أطراف عديدة لحل الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، بالإضافة إلى إمكانية الوصول لصفقة تبادل أسرى.
وقال الزهار، إن "هذه الوساطات توزعت بين أطراف تبحث عن حلول إنسانية للقطاع وأخرى تبحث صفقة التبادل، وأطراف تريد من حماس الصمت عما يجري من ترتيبات في المنطقة مقابل اغراءات مادية تدور حول التخفيف من الحصار".
وعن شروط حركته المتعلقة بإتمام صفقة التبادل، قال:" أولها الافراج الكامل عن محرري صفقة شاليط الذين جرى إعادة اعتقالهم لدى الاحتلال، حيث أن بعض الأطراف تدخلت للتوسط عند حركته لتجاوز هذه الشروط والبدء بتنفيذ صفقة، الأمر الذي رفضته الحركة".
وفي لقاء مطول داخل صحيفة "الرسالة" التابعة لحماس اليوم الخميس، تطرق الزهار إلى قضايا صفقة القرن والمبادرات المحلية والدولية التي تدخلت للتخفيف من تدهور الوضع الانساني في غزة، إضافة لموضوعات أخرى تتعلق بمستجدات العلاقة مع فتح والعلاقات الخارجية لحماس.
وأكد أن أي حديث عن صفقة التبادل مرهون بالإفراج عن جميع أسرى وفاء الأحرار الذين أُعيد اعتقالهم، مع ضرورة وجود تعهدات وضمانات بعدم اعتقالهم مرة أخرى، مضيفاً:" نحن لا ندفع ثمن الصفقة الأولى مرتين".
وأوضح أن صفقة التبادل ستكون أسرى مُقابل أسرى، ولن تقبل حركته بأي أثمان أخرى كما تحاول بعض الأطراف الترويج وربط ملف الأسرى بالحصار كونه مرفوض بالمطلق، وفق الزهار.
فيما يتعلق بالمبادرات التي تقدمت بها الأطراف بشأن الأوضاع في غزة، لفت إلى أنها تهدف لتخفيف وإنهاء ما يجري على الحدود بطلب من إسرائيل، " التي تُعاني حالة استنزاف بسبب مسيرات العودة، كما يُعاني مستوطنوها من الخسائر الفادحة التي تلحق بهم جراء احراق آلاف الدونمات بالطائرات الورقية التي يُشارك فيها الشباب العزل ضمن فعاليات مسيرات العودة"، كما قال.
وأكمل حديثه:" الاحتلال يريد التخفيف عن غزة ليس حباً بها، وإنما نتيجة لما أحدثته مسيرات العودة من صدى موجع له ونتيجة لتدهور الأوضاع التي تنذر بالانفجار في وجهه وهو أمر يخشاه الاحتلال، لذا يرسل العديد من الشخصيات العربية والأجنبية لطرح صفقات سياسية".
وبحسب ما أشار إليه الزهار، فإن جميع تلك المحاولات تأتي لخدمة مصالح (إسرائيل)، إلا أن هنالك تحركات خاصة بعد تفاعل الشارع الفلسطيني في الضفة وهو ما يُمثل خطراً محدقا بالاحتلال وأعوانه.
واعتبر أن حراك الضفة من أخطر الأحداث التي جرت خلال الفترة الماضية والتي يخشاها الاحتلال والسلطة معاً، مؤكداً أن المرحلة القادمة ستشهد قمعاً غير مسبوق في الضفة نتيجة لتصاعد المخاوف لدى أبو مازن من فقدان السيطرة على الأوضاع في الضفة الغربية.
وتابع:" ما يطرح من مشاريع للتخفيف عن غزة مثل مشروع المطار والميناء وكسر الحصار لن يكون مشروطاً بأثمان سياسية أو تقديم أي معلومات تخص الأسرى الجنود لدى المقاومة لأن ثمن رفع الحصار هو ما يجري على الحدود الشرقية لغزة".
وأشار إلى وجود مخطط مسبق لمشروع انشاء ميناء تجاري في غزة يتضمن إقامة ميناء مؤقت يتم انشاؤه في فترة لا تتجاوز شهرين، أما الميناء الأساسي فهو بحاجة للدخول في البحر مسافة تقدر بأربع كيلومترات وإنشاء جزيرة واقامة ميناء عليها، وهناك أطراف تتواصل لتنفيذ هذه المشاريع.
وبين أن حركته تستخدم جميع الوسائل المتاحة فيما يخدم المصالح الوطنية الفلسطينية، وبالتالي فإن أي خيار قابل للطرح والدراسة.
وبشأن بتفاصيل صفقة القرن قال الزهار:" لا توجد صفقة قرن وانما هي صفقة تهدف لحل المشكلة الإسرائيلية وليس الفلسطينية ولا علاقة لها بإقامة دولة للفلسطينيين".
وأوضح الزهار بأن الصفقة تهدف لجعل (إسرائيل) جسماً وكياناً مقبولاً يتعاون مع المحيط بما يخدم مصالحه ويمنع وحدة الأمة العربية ويعمل على استغلال الثروات والموارد الموجودة في المنطقة.
وبيّن الزهار بأن الصفقة تتمثل أنّ تكون أراضي عام 1948م أراض إسرائيلية، والضفة مراكز محلية تحكمها السلطة، إضافة لأربعة قرى شرق القدس يتم الانسحاب منها على أن تكون عاصمتها "أبوديس"، فيما تكون غزة دولة بإضافة بعض أجزاء من أراضي سيناء لها.
وقال "الخطة تهدف لتفكيك الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وانهاء عمل "الأونروا" لتذويب قضية اللاجئين والقضاء على وحدة الأرض والشعب.
وأكد أن موقف جميع الدول العربية حتى اللحظة هو رفض الصفقة وذلك كونها جاءت فجة، فأبو مازن يرفضها وهو ما زال متمسكا بمشروع حل الدولتين، فيما ترفض مصر الصفقة بهذه الصورة إلا إذا حققت لها بعض المصالح مع تحفظاتها على آلية التطبيق، في حين ترفضها الأردن لرغبتها في الإبقاء على دورها الديني الاشرافي بالقدس، أما سوريا ولبنان فلن توافقا عليها لأنها تنهي قضية اللاجئين على حسابهما.
"صفقة القرن"
وجدد الزهار موقف حركته الرافض للصفقة وأن فلسطين كلها لا أقل من ذرة تراب واحدة هي حق للفلسطينيين، وأنّ هذا الرفض موقف واضح ومكتوب بالخط العريض ويتماشى مع العمل على التحرير الذي لا يتأتى إلا بالسلاح والمقاومة وليس بالمفاوضات.
واعتبر أن سلاح المقاومة يتكون من شقين الأول هو المكون البشري ويُمثل 99% منه، فيما يتبقى 1% للسلاح المادي، والذي بات يُشكل رُعباً لدى القيادة الإسرائيلية التي لا ترغب بخوض حرب في هذا التوقيت.
وأضاف الزهار: "الشارع الفلسطيني لاسيما غير المؤثر رافض لوجود الكيان الصهيوني، ويسعى لتحقيق العودة للأراضي التي هُجر منها".
وأردف الزهار قائلاً:" أن أدوات الحركة واضحة وتُستخدم في سبيل القضية والمشروع الوطني، وأنّ الفترة الماضية لم تكن تضييعا للوقت بل كانت للإعداد وتطوير سلاح المقاومة، الأمر الذي يخول الحركة قوة في موقفها السياسي لمواجهة صفقة القرن ويؤسس لمرحلة التحرير القادمة.
(المصالحة)
وعلى صعيد المصالحة الفلسطينية، قال القيادي في حماس إن المشكلة في اختلاف البرامج والتي من المستحيل أن تتوافق فلا يمكن أن تتم المصالحة بين برنامج التنسيق الأمني، وبرنامج المقاومة وتجريم التنسيق الأمني، معتبراً أن المخرج الحقيقي للأزمة هو الانتخابات.
واستذكر الزهار بأن اتفاق عام 2011، تخلله العديد من البنود من أولها إجراء انتخابات حرة ونزيهة للشعب الفلسطيني والمخيمات ومن يحصل على تفويض من الشعب يُقدم برنامجه ويعمل عليه وعلى الآخرين أن يتقبلوه، منوهاً إلى أن حركته لا تخشى الانتخابات ومستعدة لخوضها في أي وقت، بينما تدرك حركة فتح انها ستخسر في أي انتخابات قادمة لذا لن تسمح بإجرائها أبداً.
وفي السياق، لفت الزهار إلى أن استخدام مصطلح "العقوبات" يجانبه الصواب، مؤكداً أنها تمثل جرائم انتقامية، فغزة لم ترتكب جُرماً لتنال عقوباتٍ على إثره.
وأكد أن المواقف لم تتغير ولكن تجري حالياً محاولات تنفيذ ألاعيب من خلال الحديث عن المصالحة، حيث هناك محاولات للالتفاف على الشرعية الفلسطينية، من خلال محاولة إعلان المجلس المركزي المعين بديلاً عن المجلس التشريعي المنتخب عام 2006م.
وعرّج على موقف حركته من الوضع في سوريا منذ البداية، إذ اتخذت الحركة موقفاً بعدم الخروج من البلاد، وعدم الولوج في حرب مع النظام أو ضده، وإذا كان هنالك حرب ستشارك فيها الحركة ستكون ضد (إسرائيل) فقط، مشيراً إلى أن أعضاء حركته هناك كانوا ضيوفاً لا يُمكن أن ينشغلوا في حروب وصراعات داخلية.
وقال إن ما جرى أن بعض الفلسطينيين السوريين دخلوا مع النظام في الصراع الداخلي، وبالتالي احتسبوا على حماس وهو ما أدى إلى توتر العلاقات وبالتالي كان القرار بمغادرة سوريا، مؤكداً بأن هنالك فرصة لاستعادة العلاقة بين النظام وحماس من خلال خروج قيادات من غزة إلى هناك لو أتيحت الفرصة لذلك، كما اكد أن علاقة حركته بإيران جيدة ويجب أن يتم تعزيزها لتكون في أفضل أحوالها.
المصدر : صحيفة الرسالة