قال معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة "تل أبيب" اليوم الأربعاء، إنه منذ فرض المقاطعة على قطر، بات نقل مساعداتها إلى قطاع غزة معقداً أكثر، لأن مصر لم تعد تسمح بنقل بضائع ومواد خام مصدرها قطر عبر معبر رفح البري.
ينبع تآمر دول الحصار الأربع من سببين أساسيين: منع قطر من تقديم هذه المساعدات، وتوجيه ضربة لحركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بسبب انتمائها لحركة الإخوان المسلمين؛ ورغبتها في أن تقدم هي (الدول الأربع) مساعدات عن طريق المنسق عن حركة فتح، محمد دحلان، لأسباب سياسية تتمثل بالقضاء على حكم حركة فتح، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والإطاحة بالرئيس محمود عباس، وفق ما جاء في الدراسة الذي أعدها المعهد الإسرائيلي.
وبحسب الدراسة، فإنه عملياً بقيت إسرائيل الطريق الوحيد أمام قطر من أجل نقل المساعدات إلى غزة، حيث أن العلاقات بين قطر وحماس تعكس براغماتية أكثر مما تعكس تماثلا أيديولوجيا".
لكن بالنسبة لإسرائيل، وفقا للدراسة، فإن الموقف المصري يضع معضلة أمام إسرائيل، لأنه "إلى جانب المصلحة المشتركة لإسرائيل وقطر بتوفير رد للضائقة الإنسانية في قطاع غزة، على إسرائيل أن تحافظ وتنمي علاقاتها الاستراتيجية مع مصر، وضمان تدخل مصر بوسائل المساعدة، وربما قيادتها أيضا".
وفيما يتعلق بالمساعدات القطرية للقطاع، ذكرت الدراسة أنه "بالنسبة لإسرائيل، هذه المساعدات تسهم في إرجاء محتمل للمواجهة المقبلة بينها وبين حماس". ويعني هذا الكلام أن الوضع الإنساني في القطاع، من دون المساعدات التي تقدمها قطر، سيتفاقم إلى حد يجعل الفصائل في القطاع تصعد عملياتها.
وأوضحت الدراسة أن جيران قطر لهم مصلحة في إبعادها عن غزة، وجهودها (أي جهود دول الحصار)، حيث تشمل نقل مساعدات من الإمارات إلى القطاع، بواسطة محمد دحلان. ولدحلان تأثير ومكانة في غزة (الذي هرب دحلان منه)"، بسبب قدرته على توزيع أموال من الإمارات في غزة. مشيرةً الدراسة إلى أن "الإمارات تأمل بأن تراه يخلف محمود عباس ويتزعم فتح والسلطة الفلسطينية".
ووفقا للدراسة، فإن زيادة تأثير قطر في القطاع يعني تصاعد التوتر بين إسرائيل ونظام السيسي في مصر، الذي تولي إسرائيل أهمية بالغة للحفاظ على التعاون الاستراتيجي معه، وبين إسرائيل والأعضاء الثلاثة الآخرين في ’الرباعية العربية’، السعودية والإمارات والبحرين، التي تقاطع قطر منذ حزيران/يونيو العام 2017، وتسعى إسرائيل إلى رفع مستوى علاقاتها معها في إطار جبهة إقليمية ضد إيران".
وبينت إلى أنه يوجد توتر أساسي بين المصلحة الإسرائيلية بتحسن الوضع الإنساني في القطاع وبين الحاجة إلى الحفاظ على علاقات استراتيجية جيدة مع مصر. ويضاف إليها اتفاق الغاز الهام الذي جرى توقيعه مؤخرا، ومع عدد من دول الخليج، التي لا تنظر بالإيجاب إلى تأثير قطر في القطاع".
ولفتت إلى العلاقات المتينة بين قطر وتركيا، ودعمهما لقطاع غزة والقضية الفلسطينية عموما. لكن الدراسة انتقدت وقوف قطر وتركيا إلى جانب الفلسطينيين خلال الأحداث في القدس المحتلة ونصب البوابات الإلكترونية في المسجد الأقصى، في تموز/يوليو العام الماضي. ومضت الدراسة أن "الوجود القطري – التركي في قطاع غزة هو بمثابة تهديد بالنسبة للمصريين، الأمر الذي من شأنه أن يرفع مستوى التوتر بين إسرائيل ومصر".
واعتبرت الدراسة الإسرائيلية أنه في وضع كهذا بإمكان إسرائيل التأثير على حماس وقطر، "من أجل ممارسة ضغوط قطرية على حماس كي تعيد الأخيرة جثتي الجنديين والمواطنين الإسرائيليين، الذين تحتجزهم حماس. كما أنه على إسرائيل أن تستنفذ، بخطوات منسقة مع الإدارة الأميركية ومصر، إمكانيات تليين الرفض القطري بالاستجابة إلى المطالب التي وضعها أعضاء ’الرباعية الدولية’ كشرط لوقف المقاطعة، وفي مقدمتها تبريد علاقاتها مع إيران".
وخلصت الدراسة إلى أنه "يتعين على إسرائيل الحفاظ على تنسيق وثيق مع الولايات المتحدة، ومن خلال إطلاع مصر بصورة دائمة، في محاولة لتليين المعارضة المصرية من مشاركة قطر في تخفيف الضائقة الإنسانية في القطاع، بواسطة تليين تفعيل معبر رفح، وذلك بموازاة ومساعدة الجهد الأميركي في خفض مستوى التوتر بين قطر ومصر".
وتشير المعطيات الواردة في الدراسة إلى أن قطر قدمت 800 مليون دولار لقطاع غزة، منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، في صيف العام 2014. وأضافت الدراسة أن المساعدات القطرية للقطاع أكبر من أية مساعدات تقدمها أية دولة عربية أخرى، وأن هذه المساعدات تعزز القدرة على الحكم في القطاع، لأن جزءا منها يستخدم لدفع رواتب الموظفين
المصدر : عرب 48