توقع عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق ألا يكون هناك مصالحة في العام الجديد، مرجعاً ذلك لما قاله تنصل حركة فتح ورئيسها محمود عباس من تنفيذ المصالحة ومسارها السياسي الماضية به

وقال أبو مرزوق خلال تصريحات له في ندوة عقدتها صحيفة الرسالة التابعة لحماس في غزة : " توقعي في العام الجديد لن يكون هناك مصالحة، ولن تمارس السلطة كامل مهامها في قطاع غزة".

ورجح أن تقدم السلطة على رفع بعض العقوبات عن غزة، دون التقدم بشكل حقيقي لترتيب البيت الفلسطيني.

ولفت إلى أن الرئيس محمود عباس لم يلتقِ أي من قيادات الفصائل الفلسطينية الكبرى، ولم يدعُ لعقد الإطار القيادي لمنظمة التحرير ولا استئناف عمل المجلس التشريعي أو المجلس الوطني"، وتابع "لا أعتقد أن الرئيس سيدعو لعقد أي من هذه الأطر والمجالس خلال العام الجديد".

كما توقع أن تستمر حكومة التوافق الذي وصفها بـ "الضعيفة" في عملها، بالإضافة إلى تغيير فتح وزرائها دون توافق وطني، كما قال.

وانتقد اتفاقات المصالحة الأخيرة التي عقدت في القاهرة، مؤكداً أنها لم تكن تشكل أرضية لمصالحة حقيقية، مضيفاً  " كثير من القضايا كان الرهان فيها على الوسيط الذي يجب أن يفرضها على الطرفين، وبالتالي المصالحة تحتاج لوقفة ولا يمكن أن تستمر بهذا المسار".

وشدد على أن كل ما حدث الآن هو خارج الاتفاقيات، وهو بمثابة مرونة عالية للحركة وتعاطيها الإيجابي مع المصالحة.

وأقر بوجود "تراكم لأخطاء حقيقية" في جانب تطبيق الاتفاقات الأخيرة. وحذّر أبو مرزوق من " أن تكون أولوية الصراع لدى فتح والسلطة الفلسطينية متبلورة في إنهاء حكم حماس وقوتها في غزة، وهذا يؤدي بالضرورة إلى أن يجعل مواجهة إسرائيل ومخططاتها مسألة ثانوية ومواجهة حماس هي الأولوية"، بحسب أبو مرزوق.

وأشار إلى أهمية ترميم العلاقات مع جميع الأطراف الدولية دون اصطفاف أو تمييز، خاصة مع حلفاءهم في تركيا وقطر وإيران، والاهتمام بالمنظمات غير الحكومية والأممية والاقليمية مع الانفتاح على تطوير العلاقات الرسمية والشعبية" وأضاف بأن "هنالك توجهات كبرى في العلاقات الدولية انعكست على العلاقات الفلسطينية لتنامي النزعة البراغماتية على حساب الأيديولوجية".

وعن سؤال دور الوسيط المصري، أجاب أبو مرزوق:" أن الدور برز في القضايا المطلوبة من حماس مثل تسليم المعابر وعودة بعض "المستنكفين"، قرابة 1600 شخص، والضريبة الداخلية، وطالب الوسيط المصري بضرورة التزام الحكومة بدفع الرواتب واشراك ثلاثة من غزة في اللجنة القانونية والإدارية، وكل ما له علاقة بأي استحقاق مطلوب من فتح".

"تراكم لأخطاء حقيقية"

وقال أبو مرزوق إنه لا يمكن أن تنجح من طرف واحد فقط، فلم يتبق لدى حماس أوراق تقدمها، وعباس يرفض المصالحة، وفهم موقف حماس على أنها ضعف، فأقدمت فتح على مزيد من الضغوط ضد حركته، من بينها الحديث عن "سلاح وقانون واحد".

وأضاف أن" هذا الطلب هو شرط إسرائيلي، "لأن السلاح الذي تملكه السلطة هو أساسًا مقدم من الاحتلال الاسرائيلي، وعليه فإن الحركة لن تقدم أي تنازلات لإسرائيل بهذا الصدد"، داعياً "فتح" إلى لجم سلاح المستوطنين بالضفة، وامتلاك سلاحها بنفسها أولا قبل أن تتحدث عن تسليم سلاح المقاومة.

وادعى أن "فتح" تركز جلّ صراعها على حركة حماس لمصادرة قوتها وتمددها، وتسعى لتحييدها عن جوهر الصراع، وهذا يؤدي إلى إضعاف المواجهة مع الاحتلال وغياب المشروع الوطني الجامع، وتابع:" فتح لا ترغب في الشراكة مع أحد، وتريد حصر القضية الفلسطينية بها، وترى أن من يخرج عن مفهومها هو خارج عن الاجماع الوطني، ثم قيدت كل الوضع الفلسطيني بسلوكها وسياساتها".

وبحسب أبو مرزوق، فإن الرئيس عباس لا يزال يرى في حماس وغزة عبئًا عليه، ولا يريد تقييد حركته السياسية بحماس وقضايا القطاع، "لذلك هو ضد المصالحة المتوازنة والمتكافئة"، مشيراً إلى أن هذا الوضع لا يستقيم مع أي نظام يريد أن يكون منسجمًا مع إمكانيات وتطلعات أبناء شعبه وفصائله.

وحول الفيتو الأمريكي عن المصالحة، أوضح أن الولايات المتحدة رفعت في بداية الأمر الفيتو عن المصالحة، "وكان صهر ترمب جاريد كوشنير هو من يقود هذا التوجه بنفسه في تلك المرحلة ودفع وساعد فيها أكثر من طرف ومن هنا كان رفع الفيتو، إلى حين تبني الإخوة في مصر الموضوع وتقدم ليكون حاضرا في المشهد السياسي".

وذكر أن حديثه عن رفع الفيتو على المصالحة في ذلك الوقت، "لم يكن ضربا في الهواء بل من خلال شواهد ولقاءات مع أكثر من طرف دبلوماسي عربي وغربي"، لافتًا إلى أن حركته قدّمت الكثير في سبيل نجاح المصالحة بدءًا من تسليم حكومة الأخ أبو العبد هنية ثم ما أعقبها من إجراءات أخيرة في المصالحة.

ولخصّ أبو مرزوق أسباب رفض فتح للمصالحة، أولها " شكها في قدرتها على إدارة القطاع في الوقت الراهن، وغياب القاعدة التنظيمية الحاضنة للسلطة في غزة بسبب ضعف الحاضنة الفتحاوية في القطاع، على عكس قوتها في الضفة التي لولاها لما استقرت السلطة هناك.

ورأى أن هذا السبب من أهم الأسباب التي تدفع عباس لرفض المصالحة مع غزة، إضافة لعدم رغبته في تحمل مسؤوليات القطاع في ظل وجود السلاح المقاوم أو عدم سيطرته على الأمن في قطاع غزة.

وبين أن فتح متشككة في اندفاع حماس للمصالحة، معتقدة أنها خطوة لـتحميل السلطة أعباء الحكم في غزة وإبقاء السيطرة الحقيقية لديها.

وأردف:" من بين الأسباب خوف عباس من الخطوة باعتبارها جزءً مما تسمى بـ "صفقة القرن"، مضيفا: "عباس يرى أن هناك خطوات سياسية قادمة تحت عنوان صفقة القرن، وهو غير موافق عليها"، مستدركًا: "كلانا يرفض الصفقة".

وأكمل حديثه: "رغم تعثر عملية المصالحة، إلّا أن تقدم حماس بها حقق لها بعض المكاسب، كما يقول أبو مرزوق، من بينها اقناع الرأي العام بأن حركة حماس لم تكن يوما معيقا للمصالحة".

وردًا على سؤال للكاتب والصحفي مصطفى الصواف، الذي اتهم فيه حماس بـ"السذاجة" لتعاملها مع الرئيس رغم معرفتها بمواقفه من المصالحة، أجاب أبو مرزوق" المشكلة أن الشرعية الفلسطينية متشابكة مع الوضع الإقليمي والدولي، وأكثر تشابكا مع الحالة الوطنية برمتها، ودائما الوضع الإقليمي هو الذي يؤثر مباشرة على الحالة الفلسطينية، وحينما انتهت ولاية عباس اجتمع وزراء الخارجية العرب وقرروا اعطاءه فرصة أخرى انت تتكلم عن شرعيات خارجية تفرض الواقع الفلسطيني، وأن مؤتمر الزعماء العرب في دمشق هو من أحال مهمة المصالحة للأشقاء في مصر بعد اتفاق اليمن الشهير".

وشدد عضو المكتب السياسي لحماس على ضرورة دراسة الوضع والخيارات المتعددة "لنتعامل مع واقع بهذا الشكل وفي النهاية لا يمكن للقطاع ان يبقى حقل تجارب ولا موقع فقط للضغوط كي يتسلى عليها الآخر، ويمكن غزة أن تشكل انطلاقة جديدة مع بداية عام 2018، مع الأخذ كل ما سبق بعين الاعتبار والتعامل معه بواقعيه سياسية".

وحول مشاركة حماس في اجتماع المجلس المركزي المزمع عقده في الرابع عشر من الشهر الجاري، كشف أن موقف الحركة النهائي من المشاركة لم يتبلور لهذه اللحظة.

وقال أبو مرزوق إن عقد "المركزي" لا علاقة له بمخرجات اللجنة التحضيرية التي عقدت في بيروت العام المنصرم، مبينًا أن حركته تقدمت بجملة من المطالب لبلورة حضور الحركة من عدمه.

ومن بين التساؤلات التي تقدمت بها الحركة هو "مكان انعقاد المجلس في رام الله او الخارج"، كاشفًا عن طلب تقدمت به الحركة لرئيس مجلس النواب نبيه بري لاستضافة الجلسة في بيروت، وقد وافق وطلب من السفير الفلسطيني ببيروت الاتصال بالرئيس عباس الا أن عزام الأحمد رد واشترط أن يعقد داخل الوطن، وفق أبو مرزوق.

وعلق بالقول:" إن كان لا بد من عقده في الوطن فليعقد في غزة، الا إذا كانت فتح لا تعترف بالقطاع جزءًا من الوطن"، محذرا من أن انعقاده في رام الله سيحد من الحضور ونوعيته وستتأثر قراراته بالاحتلال، و "من المسائل التي تحدد حضور الحركة من عدمه هو طبيعة الاجتماع وموضوعاته، وهل سنحضر جلسة الافتتاح ثم ننصرف وما هي قضايا النقاش؟".

ولفت إلى وجود حرب على حماس، حيث يعمل الملحقين الأمريكيين في سفارات العالم على مواجهة حماس وملاحقة علاقاتها مع الدول الأخرى وراجعوا وثائق ويكيليكس حول حماس، وللأسف سفراء السلطة كانوا يحملون ذات المهمة من خلال ملاحقتها ووصفها بالإرهاب أحيانا، كي لا يكون لحماس أي علاقة مع الدول، لحجة وحدانية التمثيل".

وبين أن هناك اتفاقا سياسيا العام قبل الماضي بين حماس وجنوب افريقيا لفتح مكتب للحركة هناك، "إلا أن السلطة ضغطت على الحكومة، مستعينة ببعض الحكومات العربية لإفشال الأمر".

وفي الوضع السياسي، قال أبو مرزوق إن ملامح واضحة بدأت تظهر لصفقة العصر، عبر إنهاء مسألة القدس بالاعتراف بها عاصمة للاحتلال مع ضمان حرية العبادة فيها، واختلاق عاصمة على هامش ضواحي القدس مع الاعتراف بالكتل الاستيطانية وضمها إلى الاحتلال مع استئثار الاحتلال بصلاحيات الأمن القصوى، مع الاعتراف بالكيان الاسرائيلي كوطن قومي للشعب اليهودي واسقاط عودة اللاجئين مع ايجاد حلول أخرى في ظل حكم ذاتي فلسطيني على كنتونات فلسطينية".

وأضاف " بأن ذلك يأتي في إطار حل إقليمي أمني لأزمات المنطقة ومحاصرة ايران ونفوذها وتطبيق المبادرة العربية مقلوبة عبر التطبيع أولًا"، وقال "إنه يجب المراهنة على الوضع الداخلي وتعزيز الانتفاضة الشعبية واشراك حركة فتح فيها".

وتابع القيادي في حماس أن أفضل رد على صفقة القرن والمؤامرات التي تحاك ضد شعبنا وقضيتنا الوطنية هو الإصرار على إصلاح الوضع الداخلي والتوافق على برنامج وطني والاعداء هم الأعداء ولن تستطيع تغييرهم".

المصدر : الوطنية